موقع مويلح

مويلح” مستوطَن من العصر الحديدي، يقع على بعد (15كم) من الخط الساحلي الحالي في الشارقة وعلى بعد حوالي (45 كم) من سهل الذيد الداخلي. وربما كان الموقع خلال فترة استيطانه القديمة يقع على مقربة من بحيرة ضحلة أو خور يتصل بالساحل، ومن المحتمل أن يكون المناخ السائد في المنطقة خلال تلك الفترة شبيهاً بما هو عليه في الوقت الحاضر، ويتميز بمواسم صيفية حارة ومواسم شتوية دافئة مع كمية أمطار ضئيلة جدّاً.
ومنذ عام (1994) شهد الموقع حملات تنقيب أثرية من قبل بعثات من أستراليا وأوروبا والولايات المتحدة، بالمشاركة مع إدارة الآثار بالشارقة، وقد أسفرت نتائج التنقيبات والمسوحات عن ظهور مستوطَن غيَّر بصورة جوهرية مفهومَنا عن الحقبة المتأخرة لعصور ما قبل التاريخ في دولة الإمارات العربية المتحدة.
لقد تم استيطان الموقع بصورة رئيسية خلال فترة العصر الحديدي الثانية (1000-600 ق. م)، وعقبت هذه الفترة فترة العصر الحديدي الأولى (1300-1000 ق. م) ولكنها شهدت زيادة سريعة في عدد وحجم المستوطنات خلال هذه المنطقة، ويعتبر موقع مويلح أحد أهم مظاهر هذا النمو الاستيطاني، ولكنه يختلف عن المستوطنات المعاصرة في عدة وجوه.
يوجد في الوسط سور يحيط بالموقع، وفي الداخل يوجد ما لا يقل عن سبعة مبان ذات وظائف معينة؛ كان البعض منها يستعمل لأغراض المعيشة والسكن، وبعضها الآخر لأغراض الخزن، وبناية أخرى وهي المبنى 2 ربما كانت المركز الإداري للمستوطن، وهي تتكون من غرفة مركزية كبيرة تحتوي على قواعد أعمدة يبلغ عددها العشرين، بالإضافة إلى عدد من الغرف الصغيرة. واحتوت هذه الغرف على العديد من الأواني المصبوغة والجرار ذات المصب وأسلحة حديدية ومئات من القطع البرونزية التي تشير إلى وجود ورشة لتصنيع هذه المادة.
وتم العثور على بضائع مستوردة من إيران ووادي الرافدين، ويشير ذلك إلى الأهمية المتنامية للتجارة والتي يسّر جزء منها عملية تدجين الجمل في تلك الفترة. وقد كانت الاتصالات مع اليمن تشكل أهمية خاصة فيما يتعلق بتجارة البخور. من ناحية أخرى كان العثور على قطعة فخارية تحمل ثلاثة خطوط سبئية- وهي أقدم كتابة يتم اكتشافها إلى الآن في دولة الإمارات العربية المتحدة- هو أيضاً نتيجة للاتصال باليمن.
).